اعزائي القراء يسعدني ان انقل لكم يوميا عن جريده المصري اليوم عمود الكاتب الكبير سليمان جوده خط احمر بدءا من 9يوليو 2010 واترككم مع اول مقال
| عكس رغبة الرئيس بقلم سليمان جودة ٩/ ٧/ ٢٠١٠ |
فى كل مرة يطلب فيها الرئيس صياغة قانون جديد، بديلاً عن قانون قديم، نُفاجأ بأن الذين عليهم نقل رغبة الرئيس إلى أرض الواقع، قد تحايلوا عليها، تسويفاً ومماطلة، حتى ينساها الناس»! لقد طلب يوماً، على سبيل المثال، أن يجرى إعداد مشروع قانون يجعل الانتخابات فى البرلمان بنظام القائمة النسبية، وليس بالنظام الفردى، كما هو حاصل الآن. ومعلوم أن الانتخابات، حين تتم وفق القائمة النسبية، فإنها تجعل عين الناخب على برنامج كل حزب، ثم على بنود هذا البرنامج، وليس على المرشح، كفرد، وتغلق الباب تماماً أمام أى تأثير لعوامل أخرى على إرادة الناخب، ومنها - مثلاً - تأثير الفلوس أو العصبية، أو القبلية أو.. أو.. إلى آخر ما يمكن أن يمارسه النائب، كشخص، على الناخب، بما يؤدى إلى أن تكون الأسبقية، والحال هكذا، لكل ما هو غير موضوعى فى المسألة، من أولها إلى آخرها! وحين أظهر الرئيس هذه الرغبة فى أكثر من مرة، فإن الذين عليهم أن يأخذوها ويحولوها من مجرد رغبة لديه إلى شىء حيوى فى حياة الناس، لم يكونوا على قدر إحساسهم المفترض بالمسؤولية تجاه هذا البلد، وقد راحوا لذلك يراوغون مرة، ويتحايلون مرات، حتى ماتت الرغبة فى مكانها، ولم يعد لها وجود.. بل إنه قد قيل عكسها، وهو أن الانتخابات المقبلة فى نوفمبر المقبل، سوف تكون بالنظام الفردى ذاته، بما يعنى انتقال سوءات البرلمان الحالى، كما هى، إلى البرلمان المقبل، وبما يعنى أيضاً، وهذا هو الأخطر، بقاء البرلمان على صورته الحالية، وهى صورة يقول مضمونها إن مجلس الشعب عندنا معطل عن أداء دوره الحقيقى فى الرقابة على أعمال الحكومة، والتشريع الذى ييسر حياة المواطنين. ليس هذا فقط، وإنما التقاط رغبة الرئيس منذ البداية، وبث الروح فيها، كان مناسبة ملائمة جداً، لإعادة النظر فى حكاية الـ٥٠٪ عمالاً وفلاحين بين أعضائه، فهى حكاية تجعلنا أضحوكة بين برلمانات العالم، ولم يكن الجادون حقاً فى إعادة النظر فيها، سوف يجدون فرصة مناسبة لذلك، إلا فى ظل الاتجاه نحو الأخذ بنظام جديد فى الانتخابات! الذين تحايلوا على رغبة الرئيس هم أنفسهم الذين يرغبون فى أن يظل البرلمان معطلاً، كما هو الآن، لا لشىء إلا لأنهم يعرفون أن تنقيته من الـ٥٠٪ عمالاً وفلاحين، معناها وجود برلمان قادر على أن يراقب الإنفاق العام لكل قرش من مال دافع الضرائب! وفى البلاد التى توجد فيها برلمانات حقيقية، وتوجد فيها رقابة جادة من هذا النوع على المال العام، فإن أى مواطن قادر هناك على أن يقف ليجادل الرئيس ذاته، رأساً برأس، ولسان حاله يقول: أنا دافع ضرائب.. بما يعنى أن راتب الرئيس، وسائر المسؤولين جميعاً، إنما يأتى أصلاً من جيبه هو، مع باقى المواطنين!.. ولن يأتى هذا اليوم علينا، إلا إذا اعتدل حال البرلمان المايل |
